اقتصادكم - إيمان البدري
شهد المغرب اليوم تحولات اقتصادية عميقة تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة بحلول عام 2030. ويتوقع الخبراء الاقتصاديون أن يكون للقطاع الخاص دور محوري في هذه العملية، حيث يُنتظر منه أن يقود العديد من القطاعات الحيوية ويسهم في تعزيز النمو الاقتصادي.
ويرى زكرياء فيرانو الخبير الاقتصادي، في تصريح لموقع " اقتصادكم "، أن "القطاع الخاص في المغرب يعتبر المحرك الأساسي لتحقيق التغيير الاقتصادي المنشود. فبينما يستمر القطاع العام في وضع السياسات والاستراتيجيات، يبقى القطاع الخاص المسؤول عن تنفيذ هذه السياسات، مشيرا إلى أنه "يتموقع في قلب التحول الاقتصادي عبر عدة محاور رئيسية: أولها، توجيه الاستثمار في الصناعة والتكنولوجيا، حيث بدأ المغرب في تعزيز بنيته التحتية الصناعية وخاصة في مجالات السيارات والطيران والطاقة المتجددة. ويسهم هذا الاستثمار في تعزيز القدرة التنافسية للمغرب على الساحة الدولية". كما يضيف أن التركيز على الرقمنة والتحول التكنولوجي سيكون له دور كبير في تحسين الإنتاجية، مما يسهم في زيادة تنافسية القطاع الخاص.
يعد القطاع الخاص من الدعائم الأساسية للاقتصاد الوطني، حيث يسهم بشكل كبير في إحداث فرص العمل وتحفيز النمو الاقتصادي، كما يتبوأ مكانة محورية في تعزيز القدرة الشرائية وتحقيق التنمية المستدامة وفقًا للخبير الاقتصادي، الذي أوضح في تصريح لموقع "اقتصادكم" أن القطاع الخاص يشكل حوالي 5 ملايين فرصة عمل، مما يعزز الاستهلاك الوطني ويؤسس لقاعدة استثمارية قوية داخل المملكة. وفي هذا السياق، يبرز الدور الحيوي الذي يلعبه القطاع الخاص في تمويل وتطوير البنية التحتية، وهو ما يمكن أن يساهم في إرساء أسس قوية للاقتصاد الوطني.
التوجه نحو 2030: القطاع الخاص في صدارة النمو الاقتصادي
بحلول عام 2030، يعكف المغرب على تحسين بنيته التحتية واستقطاب الاستثمارات الكبرى التي ستشمل قطاعات حيوية مثل النقل، والطاقة، والصناعة. وفقًا للمتحدث ذاته، فإن القطاع الخاص سيكون في قلب هذه التحولات، سواء من خلال المشاركة في المشاريع الضخمة المرتبطة بتوسعة البنية التحتية أو من خلال المناولة مع القطاع العام. يشير الخبير إلى أن الاستثمارات التي يقودها القطاع الخاص تتجاوز قيمتها 96 مليار درهم، مثل مشاريع الطرق والسكك الحديدية، مما يساهم في رفع القيمة المضافة للقطاع ويزيد من الإنتاجية.
هذا التوجه لا يقتصر فقط على تقديم مشاريع بنية تحتية، بل يمتد ليشمل تعزيز القدرة التنافسية للمغرب من خلال الاستثمارات النوعية في القطاعات الأساسية مثل الطاقات المتجددة، وصناعة السيارات، والصناعات التحويلية، حيث تشكل هذه القطاعات العمود الفقري للنهضة الصناعية في المغرب وتعد محركات أساسية لتحقيق تنمية مستدامة على المدى الطويل.
تحسين مناخ الأعمال: أولوية استراتيجية
من أهم النقاط التي أشار إليها زكرياء فيرانو في تحليله لموقع " اقتصادكم "، هي ضرورة تحسين مناخ الأعمال في المغرب، وهو ما يتطلب تحسين البنية التحتية الاستثمارية، سيما في المناطق التي تفتقر إلى بنية تحتية متطورة، حيث سيمكن توفير مرافق حديثة ومتطورة القطاع الخاص من التوسع والنجاح في مختلف المناطق المغربية.
ويُعتبر الخبير الاقتصادي في تصريحه لـ " اقتصادكم "، أن تسريع الإجراءات الإدارية، وخاصة تعزيز دور المراكز الجهوية للاستثمار، أمر أساسي لجذب الاستثمارات وتعزيز الثقة في مناخ الأعمال. مضيفا إلى ذلك، الرقمنة التي تعد من أهم وسائل تحسين فاعلية القطاع الخاص، ومشددا على أنه، "لا يمكن للقطاع الخاص أن يكون فعالًا وناجحًا إلا إذا تواكب مع التطور الرقمي الذي يشمل تسريع التعاملات بين القطاع العام والخاص، مما يعزز كفاءة العمليات ويخفض التكاليف".
تعزيز دور القطاع الخاص في الاستثمار الوطني
يركز زكرياء فيرانو على أن الدولة لا يجب أن تكون هي المصدر الوحيد للاستثمار، بل يجب أن تتعاون مع القطاع الخاص لرفع مستوى الاستثمارات الوطنية. إذ لا يقتصر دور القطاع الخاص على المشاريع الصغيرة أو المتوسطة، بل يجب أن يكون له حضور قوي في المشاريع الكبرى التي تشكل أساس الاقتصاد المغربي في المستقبل. من هنا، فإن الهدف الذي يسعى المغرب لتحقيقه هو أن يشكل القطاع الخاص ثلثي الاستثمارات في المستقبل، بينما يتبقى ثلث الاستثمارات من نصيب القطاع العام.
التحديات والفرص المستقبلية
وأشار الخبير إلى أن القطاع الخاص في المغرب يواجه تحديات متعددة في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية والضغوط الداخلية المتعلقة بتحقيق التنمية المستدامة. من بين هذه التحديات، الحاجة إلى تحديث الأنظمة المالية والبنكية، تعزيز القدرة التنافسية، والابتكار في استخدام التكنولوجيا. في المقابل، يقدم القطاع الخاص فرصًا كبيرة في عدة مجالات، سيما في القطاعات الاستراتيجية مثل الطاقة المتجددة، السيارات، والصناعات التحويلية، التي تمثل محركات للنمو المستقبلي.