هل يؤدي الاستثمار الضخم في الصحة إلى نظام اجتماعي أكثر عدالة؟

الاقتصاد الوطني - 03-11-2025

هل يؤدي الاستثمار الضخم في الصحة إلى نظام اجتماعي أكثر عدالة؟

اقتصادكم

 

يمثل الاستثمار الكبير في الصحة ضمن مشروع قانون المالية 2026، إذ تم بالشكل اللازم ووفق خطة دقيقة تعالج المشاكل الهيكلية، بداية تحول جذري في كيفية تقديم الرعاية الصحية في المغرب، مع بناء مستشفيات جامعية جديدة وتحديث القديمة منها، سيتمكن المواطنون في مختلف أنحاء المملكة من الوصول إلى خدمات صحية عالية الجودة.

ويعد مشروع قانون المالية 2026 بمثابة خطوة كبيرة نحو تعزيز نظام الصحة في المغرب، مع التركيز على العدالة في الحصول على الرعاية الصحية. فبعد إطلاق ورش الحماية الاجتماعية وإعادة هيكلة النظام الصحي الوطني، أصبح من الضروري تعزيز شبكة المراكز الصحية الأولية وتحديث وإنشاء بنى تحتية استشفائية عالية المستوى.

فيما شهد القطاع الخاص في مجال الصحة تطوراً ملحوظاً على جميع الأصعدة، تعرض القطاع العام لتأخر كبير في هذا المجال، لكن اليوم، هناك إرادة سياسية واضحة لتعويض هذا التأخر الهائل من خلال توفير خدمات صحية تلبي احتياجات السكان، لا سيما الفئات الأقل دخلاً التي غالباً ما تكون غير قادرة على اللجوء إلى القطاع الخاص بسبب الأعباء المالية الكبيرة.

خطوات ملموسة في تطوير النظام الصحي

وأصبح لدى المغرب خمسة مراكز مستشفيات جامعية وهي: الرباط، الدار البيضاء، مراكش، فاس، بالإضافة إلى المركز في أكادير الذي أوشك على الانتهاء. كما يجري حالياً بناء مركزين مستشفيين جامعيين جديدين في كل من طنجة و العيون.

وتبلغ الاستثمارات في هذا القطاع حوالي 5 مليارات درهم، مما سيمكن من بناء وتجهيز هذه المراكز الصحية الجديدة، إضافة إلى تحديث وتجهيز المستشفيات القديمة بأحدث المعدات الطبية. ومع هذا التطور، يتم الانتقال من التركيز الشديد على المركزية في المستشفيات الجامعية إلى اللامركزية التدريجية، التي تترافق مع إنشاء كليات طب جديدة في مختلف أنحاء المملكة.

التأثيرات الصحية والاقتصادية لهذا التحول

تتمثل الفوائد الصحية في تعزيز العرض الصحي المتخصص والتقنيات الطبية المتقدمة، مما يسهل الوصول إلى الرعاية الصحية المتخصصة ويقلل من الفوارق الإقليمية. لم يعد على المرضى وأسرهم أن يقطعوا مسافات طويلة للوصول إلى العلاجات التي كانت تتركز في بعض المدن الكبرى.

أما على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، فإن هذا التحول يعزز فرص العمل في القطاع الصحي ويسهم في تحسين الحياة الاقتصادية للمناطق المحرومة من خلال زيادة فرص الوصول إلى خدمات صحية متطورة في أماكن أقرب.

زيادة الميزانية الصحية في مشروع قانون المالية 2026

في مشروع قانون المالية 2026، تم تخصيص أكثر من 42,4 مليار درهم لصالح وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، بزيادة تصل إلى 30% مقارنة بالعام 2025، حيث تهدف هذه الزيادة إلى تعزيز البنية التحتية الصحية، تعزيز المراكز الاستشفائية الجامعية، وتحسين الحكامة الإقليمية.

وأكد عبد المجيد بلعيش، الخبير في الصناعات الصيدلانية، في حوار مع جريدة "فينونس نيوز" أن هذه الزيادة الكبيرة في ميزانية الصحة ستركز على ثلاثة محاور رئيسية:

تعزيز البنية التحتية الصحية، بما في ذلك بناء مستشفيات جديدة مثل مستشفيي أكادير والعيون اللذين من المنتظر تشغيلهما قبل نهاية 2025، وإنهاء مستشفى ابن سينا في الرباط مع افتتاحه في بداية 2026.

تعزيز الموارد البشرية، من خلال توفير 8.000 منصب جديد للوظائف الصحية في 2026، مع تخصيص 16,4 مليار درهم من الميزانية لرفع جاذبية القطاع من خلال تحسين الأجور وظروف العمل.

التحديث المستمر للنظام الصحي، مع التركيز على تحسين الوصول إلى الخدمات الصحية في المناطق الريفية والنائية.

تأثيرات الاستثمار على جودة الرعاية الصحية

من خلال استثمار 5 مليارات درهم في بناء وتجهيز المستشفيات الجامعية الجديدة، يتوقع أن تحسن هذه المشاريع بشكل كبير من جودة الرعاية الصحية وتسهيل الوصول إليها في المناطق المختلفة، وفي الماضي، كان المغرب يعاني من تأخر كبير في عدد المستشفيات الجامعية، حيث كان هناك فقط مستشفيان جامعيان في الرباط والدار البيضاء لعدة عقود.

كما أن جائحة كوفيد-19 كشفت عن الحاجة الماسة لتحويل الصحة إلى أولوية وطنية. واليوم، مع هذه الاستثمارات الضخمة، يخطو المغرب خطوة كبيرة نحو تحقيق العدالة الصحية وتوسيع نطاق الرعاية الصحية لجميع المواطنين.