شعيب لفريخ
إن ضمان صحة المستهلك والحفاظ على صحة الحيوانات والنباتات لهما من أهم اختصاصات المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، المؤسسة العمومية المستقلة الخاضعة لوصاية الدولة، الذي يواجه منذ مدة من الزمن عدة عوائق وتحديات ذاتية ذات خلفية متعلقة بالتصور والتأطير القانوني، وأخرى موضوعية داخلية وخارجية، الأمر الذي يستلزم إصلاحا مستعجلا حتى لا تكون صحة المواطن المستهلك هي الضحية دائما.
فالمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية يمارس مهامه تحت وصاية وزارة الفلاحة ويخضع لترسانة قانونية متشتتة تؤطر مجالات عمله تتكون من أكثر من 280 نص قانوني وتنظيمي جاري بها العمل، وهذا في حد ذاته شيء غير عادي.
وصلب الإشكال أو الخلل المسكوت عنه، هو أن المكتب الوطني للسلامة الصحية يسير وفق التصور القانوني الذي وضعته سلطات الحماية الفرنسية بالمغرب ويخضع لأحكامه التشريعية، من خلال ظهير 5ماي 1916المتعلق بالمراقبة الصحية على الحيوانات والمنتجات الحيوانية المعدة للتصدير وكذا ظهير 20 شتنبر1927المتعلق بالمراقبة الصحية للنباتات، وهاذان القانونان الصادران عن الحماية الفرنسية معمول بهما ويشكلان مرجعا أساسيا لحد الآن، كما هو مشار إليه في المادة 3 من القانون 25.08 الصادر بتاريخ 26 فبراير 2009 والمتعلق بإحداث المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.
فسلطات الحماية الفرنسية بالمغرب عند وضعها لذلك القانونين كان يهمها التصدير وسلامة المواد المصدرة لحماية صحة المستهلك الفرنسي، وليس حماية صحة المستهلك المغربي الي كان مغلوبا على أمره.
فإصلاح أسباب معيقات عمل المكتب الوطني للسلامة الصحية، ينبغي أن تكون على مستوى القانون الأساسي المنظم لعمل المكتب وعلى مستوى التصور والرؤية الممغربة في حماية صحة المستهلك المغربي، وأن الإصلاح يجب أن يشمل الهيكلة العامة وفي مقدمتها هيكلة المجلس الإداري والتنصيص صراحة على تمثيلية وزارات الصحة والتجارة والصناعة والداخلية والبحث العلمي والمالية أو الجمارك وآخرون إلى جانب وزارة الفلاحة، هذا فضلا عن وضع حد للتشتت القانوني ومختلف المعيقات.
فمشروع الإصلاح الذي وضعه محمد صديقي وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات والمعروض لدى الأمانة العامة للحكومة قبل عرضه على المجلس الحكومي للمصادقة، يتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم 28.07 الصادر سنة 2010 والمتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وهو قانون فرعي وليس القانون الأساسي المنظم وأن مقترحات الإصلاح رغم إيجابياتها تظل جزئية ومحدودة.