اقتصادكم-حنان الزيتوني
شدد الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الحادية عشرة، على ضرورة إعلاء قيم الجدية والمسؤولية والالتزام في العمل السياسي والمؤسساتي، داعيا البرلمان والحكومة إلى استكمال ما تبقى من الولاية الحالية بروح نزيهة وجادة تجسد المصلحة العليا للوطن.
وأكد الملك أن المشاريع الاقتصادية والاجتماعية ينبغي أن تشكل وجهين لعملة واحدة اسمها “المغرب”، وأن التنمية لا يمكن أن تخضع لمنطق الحسابات الحزبية أو الإيقاع الزمني للولايات التشريعية، بل لروح الاستمرارية والإرادة الوطنية.
نقد واضح للتواصل السياسي
وقد حمل الخطاب الملكي في طياته انتقادا مباشرا لضعف التواصل البرلماني والحزبي، مبرزا أن السياسة الحقيقية تقاس بمدى القرب من المواطن، لا بعدد الخطب والشعارات.
ودعا جلالته إلى تجاوز منطق المصالح الضيقة نحو منطق “رابح – رابح” في التنمية بين القرية والمدينة، ضمن رؤية وطنية عادلة وشاملة.
خطاب يرسم معالم السياسة العامة
وفي هذا السياق اعتبر المحلل السياسي رضوان جخا، أن الخطاب الملكي السامي جاء بمثابة خارطة طريق دقيقة لطريقة اشتغال البرلمان والحكومة خلال ما تبقى من هذه الولاية التشريعية.
وقال جخا في اتصال مع موقع "اقتصادكم"، إن الملك وضع أسس سياسة عامة تقوم على الجدية، المسؤولية، الالتزام، واليقظة، وهي مفاهيم اعتبرها ضرورية لتصحيح مسار الأداء المؤسساتي وتجاوز مظاهر التهاون والارتجال التي تعيق التنمية.
العدالة المجالية في صلب النقاش
وأوضح جخا أن الخطاب الملكي يعد امتدادا لخطاب العرش الأخير، خاصة في ما يتعلق بملف العدالة المجالية والتأهيل الترابي المتوازن، مؤكدا أن البرلمان مطالب بمبادرات تشريعية جريئة في هذا الاتجاه.
وأشار إلى أن “إخراج قانون الجبل من الرفوف أصبح ضرورة وطنية ملحة”، داعيا إلى جعل العدالة المجالية قانونا إطارا لا يتغير بتغير الحكومات أو البرلمانات، حتى تظل التنمية الترابية في منأى عن التجاذبات السياسية.
دعوة لإصلاح الصناديق ودعم المناطق الهشة
وأكد الخبير السياسي على أهمية إعادة هيكلة صندوقي التأهيل الاجتماعي والتضامن بين الجهات، باعتبارهما آليتين أساسيتين لتقليص الفوارق المجالية.
وأضاف أن جلالة الملك ركز في خطابه على المناطق القروية والجبلية والواحات التي تمثل نحو 30% من التراب الوطني، داعيا إلى تأهيلها عبر مشاريع مهيكلة ومراكز قروية حديثة توفر الخدمات الاجتماعية وتحفز الشباب على الاستقرار بدل الهجرة.
سنة الأوراش الكبرى
ويعتقد جخا أن سنة 2025 ستكون سنة المشاريع الملكية الكبرى، خصوصا في المناطق القروية والجبلية، انسجاما مع الرؤية الملكية لمغرب صاعد ومتوازن.
وأكد المحلل السياسي نفسه، أن الخطاب الملكي وضع السياسة العامة التي يجب على الحكومة والبرلمان ومختلف القوى الحية الانخراط فيها من خلال سياسات عمومية فعالة ومقاربات تواصلية جديدة لتأطير المواطنين.
فالمرحلة المقبلة حسب قوله، تتطلب جدية حقيقية تجعل من البرلمان رافعة للتنمية، ومن المواطن شريكا أساسيا في البناء الوطني.