المغرب يتجه نحو تموقع أقوى في الأسواق العالمية للأوفشورينغ

آخر الأخبار - 08-12-2025

المغرب يتجه نحو تموقع أقوى في الأسواق العالمية للأوفشورينغ

اقتصادكم

 

في ظل اشتداد المنافسة الدولية لاستقطاب أنشطة الخدمات المؤمنة، أطلق المغرب مرحلة جديدة من التحول الاستراتيجي، فبعد الإعلان عن العرض الجديد للأوفشورينغ في يوليوز 2025، دخلت المقتضيات المنظمة له حيز التنفيذ رسميا، في إطار رؤية ترمي إلى تعزيز موقع المملكة كمنصة إقليمية كبرى في خدمات القيمة المضافة.

العرض الجديد لا يكتفي بدعم قطاع حيوي يشغل آلاف المغاربة، بل يسعى إلى إحداث نقلة نوعية تنقل المغرب من مركز لخدمات مراكز الاتصال إلى قطب قاري في مجالات معالجة وتحليل البيانات والأمن السيبراني والهندسة الرقمية وأتمتة العمليات والبحث والتطوير وغيرها من الخدمات عالية القيمة. هذا التحول ينسجم مع التطور السريع في الطلب الأوروبي على حلول القرب الرقمي ومع الطفرة التي يعرفها الذكاء الاصطناعي.

ويرى يونس شرايبي رئيس مجموعة أوتسورسيا ورئيس الفيدرالية المغربية للأوفشورينغ أن هذا التطور كان ضروريا، موضحا أن المنافسة باتت شديدة خصوصا من دول إفريقية تقدم كلفة إنتاج أقل بكثير. ويؤكد شرايبي أن العرض الجديد يعيد تموقع المغرب على أساس القيمة والخبرة المتقدمة وليس على أساس الكلفة وحدها.

وتندرج هذه السياسة ضمن برنامج المغرب الرقمي 2030، حيث توفر حزمة واسعة من التحفيزات التي تشمل مزايا ضريبية ودعما للتشغيل والتكوين إضافة إلى إصلاحات للحكامة. وتشمل التدابير المعتمدة تخفيض الضريبة على الدخل إلى عشرين في المئة داخل المنصات الصناعية الكبرى وإلى عشرة في المئة داخل المنصات الثانوية، إلى جانب تحمل الدولة لنسبة كبيرة من الضريبة على الشركات. كما تستفيد المؤسسات من دعم للتشغيل يعادل سبعة عشر في المئة من الدخل الإجمالي الخاضع للضريبة لكل منصب شغل جديد، ودعم للتكوين بنسبة ثلاثة فاصل خمسة في المئة لفائدة الموظفين الجدد. وتعتمد الحكومة أيضا منصة رقمية موحدة لتسريع المساطر الإدارية ولضمان شفافية التتبع، مع إحداث لجنة قيادة يرأسها رئيس الحكومة.

وتطمح المملكة من خلال هذا البرنامج إلى خلق مئة وثلاثين ألف وظيفة جديدة بحلول عام 2030، منها خمسون ألف منصب قبل عام 2026، إضافة إلى رفع رقم معاملات القطاع إلى أربعين مليار درهم. ورغم أن بعض المراقبين يعتبرون هذه الأهداف طموحة بالنظر إلى النقص المسجل في الكفاءات الرقمية على المستوى العالمي، إلا أن شرايبي يؤكد أنها واقعية شريطة التنفيذ السريع والفعال.

ويستند المغرب في هذا التوجه إلى نقاط قوة راكمها على مدى عقدين، من بينها الاستقرار الاقتصادي والسياسي، ووفرة اليد العاملة المؤهلة والمتعددة اللغات، والموقع الجغرافي الذي يضعه في نفس التوقيت الزمني مع أوروبا. كما تتعزز هذه المقومات ببنية تحتية رقمية وصناعية متقدمة تضم مراكز خاصة بالأوفشورينغ وأليافا بصرية ومراكز بيانات وحرم جامعي متخصص. وتشير الأرقام إلى أن أكثر من نصف صادرات المغرب من الخدمات الرقمية تتجه نحو أوروبا وخاصة فرنسا.

ومع ذلك، يواجه القطاع تحديات أساسية أبرزها نقص الكفاءات المتقدمة في تكنولوجيا المعلومات وفي المهارات الناعمة، وضعف جاذبية بعض الجهات مقارنة بمحور الدار البيضاء الرباط فاس، إضافة إلى محدودية نجاعة بعض آليات الدعم السابقة. ويحذر شرايبي من مخاطر التباطؤ مؤكدا أن نجاح هذا التحول يعتمد على الالتزام والتنفيذ السريع دون تأخير.

باختصار، يقدم العرض الجديد فرصة حقيقية لتموقع المغرب ضمن الدول الرائدة في مجال الخدمات الرقمية المؤمنة. ويبقى الرهان على القدرة على التكوين السريع وتوسيع الاستثمارات وتحسين الحكامة لتأمين هذا التحول الطموح.