بين الجفاف وغياب الدعم.. صغار الفلاحين يصارعون آثار تغير المناخ

آخر الأخبار - 20-10-2025

بين الجفاف وغياب الدعم.. صغار الفلاحين يصارعون آثار تغير المناخ

اقتصادكم 

 

كشف تقرير حديث صادر عن مؤسسة فريدريش ناومان تحت عنوان "الزراعة تحت الضغط: تغير المناخ وأمن المغرب الغذائي" عن صورة دقيقة ومقلقة للتحديات التي تواجه القطاع الزراعي المغربي، مسلطا الضوء على التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لتغير المناخ على الأمن الغذائي في البلاد، وأكد التقرير أن الزراعة لا تزال تشكل ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني، إذ تساهم بما بين 13 و14 في المئة من الناتج الداخلي الخام وتشغل نحو 40 في المئة من اليد العاملة، بينما يعتمد أكثر من 60 في المئة من سكان القرى على النشاط الزراعي كمصدر رزق رئيسي.

وأوضح التقرير أن صغار الفلاحين، الذين يزرعون في الغالب أراضي صغيرة تقل مساحتها عن خمسة هكتارات وتعتمد على الأمطار، هم الأكثر عرضة لتقلبات المناخ وتراجع الموارد المائية، ولا يقتصر دورهم على إنتاج الغذاء، بل يشكلون أيضا عنصرا محوريا في استقرار النسيج الاجتماعي ونقل المعارف الزراعية التقليدية بين الأجيال، ما يجعل أي تراجع في هذا القطاع ذا انعكاسات واسعة تتجاوز المجال الاقتصادي لتطال الهوية الثقافية والريفية للمغرب.

وأشار التقرير إلى أن المغرب يشهد تغيرات مناخية سريعة ومقلقة، إذ ارتفعت درجات الحرارة بمعدل يقارب درجتين مئويتين منذ مطلع القرن العشرين، في وقت أصبحت فيه أنماط التساقطات أكثر اضطرابا، تتناوب فيها موجات الجفاف الطويلة والفيضانات المفاجئة، وهذه التغيرات، بحسب التقرير، تهدد مباشرة الزراعة المعتمدة على الأمطار والتي تغطي نحو 60 في المئة من الأراضي المزروعة، كما تسببت هذه الظواهر في تقلبات حادة في إنتاج القمح، حيث تراجع المحصول من 11.47 مليون طن سنة 2015 إلى 3.35 ملايين طن في 2016، مما أجبر البلاد على استيراد كميات ضخمة من الحبوب، مستنزفة نحو 20 في المئة من عائدات التصدير.

وسلط التقرير الضوء على خطة المغرب الأخضر، التي أطلقت عام 2008 لتحديث القطاع الزراعي، عبر محورين رئيسيين: تطوير المزارع الكبرى الموجهة للتصدير، ودعم الزراعة التضامنية لصغار الفلاحين، ورغم النتائج الإيجابية الجزئية التي حققتها الخطة، مثل زيادة الإنتاج والصادرات وتوسيع المساحات المروية، إلا أن الفوائد بحسب التقرير توزعت بشكل غير متكافئ، حيث استفادت منها أساسا المزارع الكبرى، فيما بقي صغار الفلاحين يواجهون صعوبات في الوصول إلى التمويل والخبرة التقنية والدعم الحكومي.

وأشار التقرير كذلك إلى أن اختيارات الإنتاج الزراعي، خصوصا التركيز على المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه مثل الحمضيات والأفوكادو، ساهمت في تفاقم أزمة المياه، لا سيما في مناطق سوس ماسة التي تشهد استنزافا خطيرا للفرشات الجوفية، وحذر من أن هذا النهج الإنتاجي، وإن كان مربحا على المدى القصير، فإنه يهدد استدامة الموارد الطبيعية على المدى البعيد.

وأكد المصدر ذاته أن المغرب يقف اليوم أمام مفترق طرق حاسم: إما الاستمرار في مسار النمو غير المتوازن، أو تبني نموذج زراعي أكثر عدلا واستدامةً يوازن بين متطلبات الإنتاج وحماية صغار الفلاحين، وشدد على أن تحقيق الأمن الغذائي لملايين الأسر الريفية يتطلب إعادة التفكير في السياسات الزراعية، ودعم الابتكار الزراعي المحلي.