كيف أصبحت المنتوجات التقليدية رافعة اقتصادية للنساء في المناطق القروية؟

آخر الأخبار - 09-12-2025

كيف أصبحت المنتوجات التقليدية رافعة اقتصادية للنساء في المناطق القروية؟

اقتصادكم

 

اقتصادكم - عبد الصمد واحمودو

بمجرد التفكير في بعض المناطق أو المدن المغربية، نستحضر معها أطباقا أو خصوصيات تميزها؛ فبذكر آسفي نتذكر السردين، وبذكر مدن الشمال وخاصة طنجة نستحضر طبق “البيصارة”، وفي مراكش “الطنجية”، وفي مناطق سوس زيت أركان… وغيرها من الموروثات الثقافية والغذائية التي تميز كل منطقة وتعكس هويتها.

ومن بين هذه المناطق منطقة بزو التابعة لإقليم أزيلال، التي تملك بدورها علامة اشتهرت بها على الصعيد الوطني، وهي الجلابة البزيوية. هذا المنتوج التقليدي الأصيل يُنسَج يدويا على أيدي نساء المنطقة، وقد ساهم بشكل كبير في تحسين الوضع الاقتصادي للمرأة البزيوية، وتمكينها من تحقيق دخل مستقر، وخلق دينامية تنموية محلية تعتمد أساسا على تجارة الجلابة.

الجلابة البزيوية… رافعة اقتصادية لنساء بزو

تقول نادية شاكر، رئيسة تعاونية الوفاء للنسيج البزيوي واللباس التقليدي، في تصريح لموقع “اقتصادكم”، إن الجلابة البزيوية “موروث أصيل تنحدر جذوره من بزو بأزيلال، وتمتاز بصناعتها اليدوية الدقيقة، باستخدام الصوف والحرير وزخارف متقنة، وبألوان أصلية كالأبيض والأصفر، قبل تطويرها لتشمل ألوانا عصرية”.

وتضيف "أن هذا المنتوج أصبح مصدر رزق أساسي لنساء بزو، وساهم في الحفاظ على تراث المنطقة ومنحه شهرة وطنية بفضل جودته وأصالته." وأوضحت نادية، "الجلابة كانت رافعة تنموية واقتصادية لنساء المنطقة. العديد من النساء استطعن إعالة أسرهن وأبنائهن، وأخريات كن سندا لأزواجهن بفضل هذه الحرفة.”

وتؤكد رئيسة جمعية الوفاء أن “الصناعة التقليدية كانت الوسيلة التي تعتمد عليها النساء لتغطية مصاريف أبنائهن الدراسية، وضمان لقمة العيش، وتكاليف العلاج وغيرها من الاحتياجات”.

وبنبرة اعتزاز، وصفت نادية شاكر، المهنة بالصعبة، "لكنها مكنتنا من تربية أبنائنا ومساعدتهم حتى بلغوا أعلى المستويات. الجلابة البزيوية ليست مجرد لباس، بل هي تاريخ وصبر وتضحية وقصة نساء صامدات.”

التعاونيات… خطوة مفصلية نحو التمكين الاقتصادي

لكي يتحول نسج الجلابة في بزو إلى نشاط مهني منظم، كان لابد من وفرة العرض وارتفاع الطلب. وفي هذا الشق، أشارت رئيسة التعاونية، إلى أنه "في السابق، كنا نبيع في الأسواق للوسطاء الذين يعيدون بيع المنتوج لتجار آخرين، وكانت أرباح النساء قليلة جدا مقارنة بالمجهود الكبير الذي يبذلنه.”

وأضافت،"بعد تأسيس التعاونية، بدأتُ في توفير المواد الأولية للنساء اللواتي ينسجن الجلابة والحايك وألبسة أخرى، ثم نسوّق المنتوج في المعارض، وكانت هذه نقطة التحول الحقيقية.”
كما عبرت نادية عن رغبتها الكبيرة في تسويق المنتوج خارج المغرب، خاصة أن الجلابة البزيوية أصبحت مطلوبة لدى الجالية المغربية ومهتمين بالأزياء التقليدية خصوصا في مجال التبوريدة".

أما بخصوص أسعار الجلابة البزيوية، فتقول شاكر" إن الثمن يحدّد حسب نوعية المواد الأولية، وأغلاها الحرير. أما باقي الأنواع فأسعارها تبدأ بـ 2500 درهم وتتجاوز 5000 درهم، حسب الجودة ودقة الصنع.”

خلصت الصانعة التقليدية حديثها، "لدينا رغبة كبيرة في تطوير الحرفة ومنتجاتنا أكثر، لكننا نصطدم بضعف دعم الجهات المعنية، وقلة التكوين، خاصة في الجوانب المتعلقة بالتسويق والقانون المالي. نساء بزو بحاجة إلى تكوينات حقيقية تسمح لهن بتطوير هذا الموروث والحفاظ عليه”.