الشطر الخامس من الفصل : الشيطان موجود في التفاصيل للرواية أراضي الله

لايف ستايل - 06-03-2024

الشطر الخامس من الفصل : الشيطان موجود في التفاصيل للرواية أراضي الله

اقتصادكم 

 

أخته هذه كانت مخلوقة من جهنم. قامة متأهبة كمهرة وخلفية شيطانية بردفين جمالهما نادر. مخلوقة من جهنم بحق، من اللواتي خلقهن الله ليرينا بعضا من جناته في تمايل ردف، وقد كانت هذه الغانية تفعل نعم، تهزهما، كانت العيار الكبير لوحوش الجنس المسعورة، الخارجة مباشرة من مصنع أيروس حيث يتم تعليمك كيف تخضع جسدك الجميل الصغير لحالة الانتشاء الأولي.

المرة الأولى التي مارست فيها الجنس كما يصح وكما يجب مع فتاة كانت معها. مع علياء، كاهنة الإله باخوس الذي أطعمنا مرة من هنا ومرة من هناك، كان المال يتدفق كشلال ولا أحد منا كان ليقلق من مصدره. ما دمنا نأكل، ما تبقى سرها هي، كانت بحق امرأة كريمة بكل فخامة. كثيرا ما التقى قدري بقدرها بمحطات عديدة، وفي كل مرة كانت تمدني بالعون المنشود." عاهرة لكن رجل " كانت تقول، دون مغالطة حول ما يمكن للناس أن يحفظوه عنها.عندما كدت أن أدخل السجن بسبب قصة ملفقة من طرف شرطي، ضرب ليلا على مسافة كيلومترين من الملعب الواسع حيث كنا نلعب الكرة، هي من أدلت بشهادتها باني قضيت الليلة معهم في البيت.

 أذكر ذلك كما لو أنه حدث البارحة، تطلعت علياء بوجه مفتش الشرطة الذي كان رجلا طيبا، وقالت له بكل هدوء بأني لم أغادر البيت طوال الليل، لأننا كنا نشاهد الانتقام بوجهين، فيلم من بطولة مارلون براندو وكارل مالدن. مرة أخرى كانت قد سلمت مبلغا كبيرا من المال لأمي لإجراء عملية جراحية. كانت تقول لها بأنه دفع مسبقا. وبأني تكفلت بذلك، كانت تقول ذلك لأبدو بطلا في عيون أمي التي لا يمكن إيهامها، والتي كانت تعي جيدا بأني سددت ذلك المال، لكن بالعناق المحموم في غرفة مخملية، حيث كنا نقضي الليالي في المضاجعة حتى نسقط منهكين، لكن ذلك لا يحدث أبدا، كنا كلما مارسنا الحب كلما زادت رغبتنا بالمزيد، أعترف انني لم أستطع أن أفهم كيف أمكنني الاستمرار على هذا الإيقاع.

لا حقا، كان على علياء الزواج من شاب انجليزي يعمل كمخرج سينمائي، أنتحر بعد ذلك بسنتين، لكنه ترك خلفه ثروة طائلة، كان قد ورثها عن والديه، والتي انتهى بها المآل في جيوب صديقتنا علياء، لأنه لم يتمكن من تجاوز مرحلة صانع صور، كان متأكدا من فشله، النجاح الوحيد الذي حققه في حياته هو زواجه من هذه المرأة. حظه على هذه الأرض كان أن جمع بينهما القدر لبعض الوقت. أما علياء فبالرغم من الأموال التي كانت تهطل مدرارة من السماء، لم تتغير قيد شعرة، ظلت على حالها، قوية وجميلة، بمظهرها الفاتن تشبه إلهة تتجول بيننا تحت. بعدها عانت علياء من ثلاثة أشهر بالسجن المدني لأنها رفضت الزواج من أحد ذوي النفوذ. 

في إحدى ليالي العربدة مع هذا الثري المتعفن، طلب هذا الغبي يدها للزواج، وهو ما لم يكن يجدر به فعله. لم تكن علياء من الإناث اللواتي يشعرن بالإطراء، إذا ما طلبهن أحمق للزواج أمام الرفض الجاف وبلا استئذان منها، تحامل الرجل المرموق صاحب المكانة العالية على صاحبته بالضرب صفعا وركلا وبالرأس، ملوحا بكل ما تصل إليه يده، علياء ما كانت لتقف أمامه مكتوفة اليدين، بالطبع أعادت تشكيل وجهه بشظية زجاجة بيرة، وبماركة محلية. كان الرجل ينزف كخنزير مذبوح. مصابا بالهلع، خرج إلى الشارع محرضا جماعة من الكلاب من أصحابه الذين أتوا لاصطحاب علياء إلى مركز الشرطة. بعد ثلاث أيام من التعذيب في المخفر، تم إطلاق سراح الكلاب أصحابه، الجبناء لفقوا لها وهي امرأة عزلاء تهمة الضرب والجرح. وجدت نفسها مرمية في مطبخ السجن المدني بقسم النساء بالمدينة.

 تبين لاحقا بأن الرجل كان متزوجا وأنه كان قد هجر زوجته وتخلى عن ابنيه، حاولت علياء بعد خروجها من السجن إقناع زوجة ذلك الخنزير برفع دعوى قضائية ضده لإرغامه على تحمل مسؤولياته تجاه أسرته، لكن السيدة الطيبة خافت من أن يحرمها من طفليها أو تجد نفسها مرمية في السجن بسبب جريمة لم ترتكبها. منذئذ، وعلياء سيدة نفسها، أصبحت حرة طليقة بلا ارتباطات أو طابو هات، بلا مسكنة أو نفاق، حرة وقوية، مستقلة وبعيدة المنال. كانت امرأة فريدة ونادرة تتحكم بعالمها بالشكل الذي قدر لها أن تستوعبه، وسط لعنة الذكور المترهلين أصحاب البطون الكبيرة الذين يجرون خلفها.

يونس، كان صديقا مقربا، حققنا معا الأربع مائة ضربة، كان يحب علياء مثلنا جميعا، على الأرجح 
كانت علياء رابطنا الخفي، كحبل يربط أقدارنا، وهذا علمناه منذ اليوم الذي التقيناها فيه. كانت لديها موهبة فطرية في جعل الأخرين سعداء دون التحكم بحياتهم. حاضرة حين نكون بحاجة لها، كما كانت تعرف كيف تختفي كي لا تثقل على أحد. امرأة مقدسة بكل ما تحتمله الكلمة من معنى، واضحة، حرة، سعيدة، صريحة، ودودة، متعاطفة، كريمة، خدومة، ضجرة، هادئة، لا تتعب. تستطيع أن تطلب منها أي شيء، لا ترفض أبدا، لا تعتذر لتقول لك لا، ولكن تتعامل بثبات في الصداقة وفي العطاء، اغدقت من نعيم كرمها على جميع من في الحي، لم توجد اسرة واحدة لم تذق طعم عطاياها، تعلمنا منها معنى أن تعطي لأجل نفسك دون أن تنتظر شيئا من الآخرين " تعطي وتنسى"، " الخير ينبت ولو كانت الأرض عقيمة "، كانت تقول، "يكفي أن تزرعه ".

أحيانا كنت أتساءل كيف لم أفكر بالزواج من الجميلة علياء، كما لا أذكر أننا تحدثنا بالموضوع. لكن الأكيد أنني وإياها كنا على نفس الخط، متفقين دائما على كل شيء، حتى عندما كنا ما نزال فتيين، وقتها لم يكن يجمع بيننا غير الليالي التي نقضيها في ممارسة الحب، وبشكل ثلاثي مع يونس، كان يخيل إلينا بأن هذه المرأة التي تتلوى بين جسدينا المعصوبين، ساحرة بعثت إلينا من السماء لتمنحنا الأمل، كنا نعرف بأن علياء ستكون هنا في حياتنا مثل بلسم يداوي جروح قلوبنا الممزقة. كتب إلي يونس مرة مازحا، بأنه كان يجدر بنا الزواج منها نحن الثلاثة مع صاحبنا علي، لكي نوثق رابطا مقدسا معها إلى الأبد. ومن الضروري أن نذكر في العقد بأن هذا الزواج أبدي لأن هذه المرأة هي من أنبل من أنجبت هذه الأرض والأكثر إنسانية

 

يتبع...