السنة الأمازيغية الجديدة: التقاليد والتكافل الرمزي

التحليل والرأي - 19-01-2024

السنة الأمازيغية الجديدة: التقاليد والتكافل الرمزي

اقتصادكم

 

 يحتفل الشعب المغربي، يوم الأحد 14 يناير 2024، لأول مرة، برأس السنة الأمازيغية كعطلة رسمية ومدفوعة الأجر. إنه الآن ٱحتفال بنفس طريقة أول محرم من السنة الهجرية ويوم رأس السنة الميلادية في التقويم الغريغوري.
 
‎وقد تم تأسيس هذا العيد الرمزي للغاية بفضل قرار صاحب الجلالة الملك محمد السادس بجعل هذا التقليد لحظة وطنية رسمية، تجمع جميع المكونات العرقية والهوية للأمة تحت راية واحدة.
‎هذه خطوة أخرى ٱتخذها المغاربة في رغبتهم في التواصل مع تراثهم المتعدد.

‎ لأن هذا، بعيدا عن قوة القرار الملكي، هو تكريم للأهمية التاريخية والثقافية لمختلف السكان الأمازيغ الذين شاركوا في كتابة تاريخ هذه الأرض المغربية منذ عدة آلاف من السنين. من الشمال إلى الجنوب، من الصحراء إلى الجبال العالية ، من السهول إلى الوديان ، يساعد هذا العيد الوطني على تحديد ملامح الثقافة المغربية التي لا تتوقف أبدا عن إعادة الاتصال بأصولها. 

‎ٱعتراف وتمجيد وٱنتصار للتنوع الغني لتراثنا الإنساني المغربي.
‎ هذا العيد هو درس تاريخي بمعنى أنه يؤكد بقوة الروح الفريدة للمغرب، روح التماسك الٱجتماعي القائم على وعي جماعي: وعي يبين لنا أن قوة الشعوب تكمن في أسسها المتحركة وفي جذور ثوابتها.
‎ وهذه في جوهرها عقيدة جلالة الملك، الذي لم يتوقف منذ تنصيبه عن تكريس أسس الهوية المغربية المتنوعة، والٱعتراف بتنوع الطبقات التي تشكلها والروافد التي تغذيها وتعززها.

‎وبهذا المعنى، وللتاريخ، فإن الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك في أكادير في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2001 هو عمل تأسيسي. وقد أرسى هذا الخطاب أسس الٱعتراف باللغة والثقافة الأمازيغية وإعادة تأهيلهما كتراث للشعب المغربي بأسره وعامل من عوامل وحدته وتماسكه: "من خلال هذا العمل، نريد، أولا وقبل كل شيء، أن نعبر معا عن ٱعترافنا بكامل تاريخنا المشترك وهويتنا الثقافية الوطنية المبنية على مساهمات متعددة ومتنوعة.

‎إن تعدد الروافد التي صاغت تاريخنا وشكلت هويتنا لا تنفصل عن وحدة أمتنا، مجتمعة حول قيمها المقدسة وأسسها غير الملموسة، وهي الدين الإسلامي السمح السخي، والدفاع عن الوطن في وحدته وسلامته، والولاء للعرش والملك، والتمسك بالملكية الدستورية،  ديمقراطية وٱجتماعية.
‎ خطاب واضح يحمل رؤية ويبشر بما يحتفظ به تاريخ المغرب اليوم كدليل جديد على عظمة هذا البلد.

‎علاوة على ذلك، حدد الملك محمد السادس خلال نفس الخطاب: "نريد أيضا أن نؤكد أن الأمازيغية، التي لها جذورها في أعمق تاريخ للشعب المغربي، هي ملك لجميع المغاربة، دون إقصاء، وأنه لا يمكن وضعها في خدمة المخططات السياسية من أي نوع. تميز المغرب على مر العصور بتماسك سكانه، بغض النظر عن أصولهم ولهجاتهم. لقد أظهروا دائما ٱلتزاما راسخا بقيمهم المقدسة وقاوموا أي غزو أجنبي أو محاولة للانقسام.

‎ وهذا بالضبط ما يكون الٱستثناء المغربي: ٱتحاد القيم التأسيسية للأمة المغربية بكل جوانبها غير المتجانسة والتكافلية وغير المادية.

 

‎بقلم : عبد الحق نجيب كاتب و صحفي