القطاع الفلاحي يواصل التأثير في النمو رغم صعود الصناعات الواعدة

الاقتصاد الوطني - 21-10-2025

القطاع الفلاحي يواصل التأثير في النمو رغم صعود الصناعات الواعدة

اقتصادكم 

 

يسير الاقتصاد الوطني نحو تنويع روافده وتعزيز موقعه على الصعيد الدولي، ورغم الأداء القوي لعدد من القطاعات الاستراتيجية كالسياحة، وصناعة السيارات، والطيران، إلا أن الاعتماد الكبير على القطاع الفلاحي لا يزال يشكل عاملاً حاسماً في تحديد وتيرة النمو.

وأكد الخبير الاقتصادي والأستاذ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، محمد العمراني، أن هناك غياباً واضحاً للرؤية الدقيقة حول مستقبل الاقتصاد خلال السنة الجارية، نظراً لتعدد المتغيرات المؤثرة، خصوصاً ما يتعلق بالتساقطات المطرية.

وقال: "كل التوقعات تبقى تقريبية، لكن المؤشرات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط وبنك المغرب تبعث على نوع من الطمأنينة، حيث تم رفع توقعات النمو من 4.4% إلى 4.7% بفضل تحسن قطاعي الصناعة والخدمات".

وأوضح، في حوار مع صحيفة Finances News Hebdo، أن تحقيق موسم فلاحي جيد سيُسهم بشكل مباشر في إطلاق دينامية اقتصادية جديدة، خاصة على مستوى خلق فرص الشغل، مما من شأنه تخفيض معدلات البطالة التي بلغت مستويات تاريخية مقلقة.

وفي ذات السياق، أبرز العمراني أن الاقتصاد المغربي بدأ يجني ثمار تنويع قاعدة إنتاجه، خاصة من خلال ما يسمى بـ"المهن العالمية للمغرب"، مثل قطاعي صناعة السيارات والطيران، واللذين يعرفان نمواً متسارعاً.

وأضاف: "المغرب بات مزوداً أساسياً للعديد من الشركات العالمية الكبرى، كما أن هذه القطاعات توفر فرصاً واعدة للتنمية وتستمر في جذب اهتمام المستثمرين الدوليين".

وأشار العمراني إلى أن السياحة سجلت أداءً قوياً خلال النصف الأول من سنة 2025، محققة نمواً بـ 19%، ما انعكس إيجاباً على العائدات السياحية التي بلغت حتى متم غشت 89.8 مليار درهم، بزيادة قدرها 14% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

وفي ما يخص تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، أكد الخبير الاقتصادي أنها لا تزال تمثل مورداً أساسياً من العملة الصعبة، حيث بلغت سنة 2024 ما مجموعه 117.7 مليار درهم، بنمو قدره 2.1%. ورغم بعض التباطؤ في 2025، حيث سجلت انخفاضاً بنسبة 2.6% إلى حدود نهاية يونيو (55.8 مليار درهم)، فإنها لا تزال تحتفظ بدورها الحيوي في دعم التوازنات المالية.

وإلى جانب الفلاحة، أكد العمراني أن قطاعات أخرى تساهم بفعالية في دعم الاقتصاد الوطني، على رأسها الفوسفاط، صناعة السيارات، وصناعة الطيران، التي تعرف بدورها تطورات إيجابية.

رغم كل هذه المؤشرات الإيجابية، حذر العمراني من أن المغرب لا يزال مرتبطاً بشكل كبير بأداء القطاع الفلاحي، قائلاً: "أي تراجع في هذا القطاع ستكون له انعكاسات سلبية مباشرة على باقي مكونات الاقتصاد، وخاصة على مستوى الشغل".

وفي رده على سؤال حول ظاهرة "جيل Z 212"، قال العمراني إن "الاحتقان الاجتماعي ليس بالأمر الجديد، بل بدأ منذ جائحة كورونا، وتفاقم مع الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار والتضخم المتسارع".

وأوضح أن هذا الحراك الاجتماعي، رغم تأثيره المحدود على الاقتصاد مباشرة، مثل الانخفاض المؤقت الذي شهدته بورصة الدار البيضاء نتيجة "هلع المستثمرين الصغار"، إلا أنه "يُبرز وجود خلل اجتماعي عميق يستدعي التدخل العاجل قبل تفاقمه".

وأكد في ختام حديثه أن "الحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي هو مفتاح جذب الاستثمارات"، داعياً إلى "فتح حوار جاد مع الفاعلين المعنيين والشروع في إصلاحات هيكلية ضرورية".