المغرب في مواجهة الفوارق الاقتصادية بين الجهات.. كيف يمكن التغلب على هذا النمو "المزدوج السرعات"؟

آخر الأخبار - 28-09-2025

المغرب في مواجهة الفوارق الاقتصادية بين الجهات.. كيف يمكن التغلب على هذا النمو "المزدوج السرعات"؟

اقتصادكم

 

مع تسجيل 3 جهات فقط مساهمة بنسبة 58,5% من الناتج الداخلي الخام سنة 2023، يطرح الواقع الاقتصادي بالمغرب سؤالاً مُلحًّا حول التفاوتات الجهوية في خلق الثروة والنمو.

حيث يسير المغرب نحو وضع أسس تنمية جهوية عادلة، تراهن على التكامل بين البنية التحتية والتنمية البشرية ولامركزية الاستراتيجيات القطاعية وتحفيز الاستثمار في المناطق الهشة وتحقيق توازن حقيقي في المساهمة الجهوية بالناتج الداخلي الخام.

لكن نجاح هذا المسار يتوقف على تنسيق فعّال بين الدولة، الجهات، والقطاع الخاص، وعلى مدى القدرة على تنفيذ المشاريع المعلنة بسرعة، نجاعة واستدامة.

ويرى الخبير في الاقتصاد النقدي، رشيد الفقير، في حوار مع جريدة Finances News Hebdo، أن الفوارق الجهوية ليست ظرفية، بل هي نتيجة تراكمات تاريخية، اقتصادية، وجغرافية. فقد استفادت جهات الدار البيضاء – سطات، الرباط – سلا – القنيطرة وطنجة – تطوان – الحسيمة من مزايا استراتيجية منذ عقود، مثل بنى تحتية متقدمة (موانئ، مطارات، طرق، قطارات) وتمركز للوظائف والمؤسسات العمومية والخاصة وقطاعات صناعية وخدماتية ذات قيمة مضافة عالية (السيارات، الطيران، الأوفشورينغ، المالية) وبالتالي، نشأت دوامة إيجابية جعلت هذه الجهات مراكز جذب للاستثمار، الكفاءات، والفرص، ما عمّق الفجوة بينها وبين باقي الجهات.

واستجابة للتوجيهات الملكية، يضع مشروع قانون المالية 2026 تقليص الفوارق الجهوية ضمن أولوياته، من خلال مجموعة من السبل الاستراتيجية التي تهدف إلى دعم الاندماج المتوازن لجميع الجهات في الدورة الاقتصادية الوطنية، ومن أبرز هذه السبل:

1. الاستثمار في البنيات التحتية لفك العزلة

إنهاء مشروع ميناء الناظور غرب المتوسط
مواصلة تطوير ميناء الداخلة الأطلسي
توسيع شبكة الطرق السريعة والممرات اللوجستية
دعم الخطة الاستراتيجية للخطوط الملكية المغربية (RAM) لفك العزلة عن الجهات النائية

2. استراتيجيات قطاعية جهوية لاممركزة

دعم الأغرو-صناعة في فاس-مكناس وسوس-ماسة
تثمين السياحة البيئية في درعة-تافيلالت والمناطق الجبلية
الاستثمار في الطاقات المتجددة بالجهات الجنوبية

3. توجيه الاستثمار العام نحو المناطق الهشة

دعم التشغيل والمبادرات المحلية
تحفيز الاستثمار الخاص بمقاربة جهوية
تنفيذ برامج تنموية تراعي خصوصيات كل جهة في إطار الجهوية المتقدمة

4. تقوية الرأسمال البشري جهوياً

تعميم برامج المدارس الرائدة
إحداث مدن المهن والكفاءات بكل جهة
الحد من نزيف الكفاءات نحو المراكز الكبرى عبر تحسين فرص التعليم والتكوين في الجهات الأقل حظاً

واعتبر الفقير أن الحديث عن سياسات نقدية جهوية ليس واقعيًا في السياق المغربي، نظرًا لاحتكار بنك المغرب للسياسة النقدية كأداة سيادية موحدة. لكن يُمكن للمؤسسة تحفيز الأبناك على توجيه التمويلات نحو الجهات الأقل نمواً.

أما على المستوى الميزانياتي، فتبقى هناك هامش حركة أوسع من خلال تحفيزات ضريبية موجهة للمستثمرين في الجهات الهشة وشراكات بين الدولة والجهات لتنفيذ مشاريع مهيكلة وتفعيل صناديق التضامن والمواكبة الاجتماعية بين الجهات.

وأكد الخبير أن تجاوز "النمو مزدوج السرعات" يتطلب دمجًا حقيقيًا للجهات في سلاسل القيمة الوطنية والدولية، مع ضمان العدالة في توزيع الاستثمارات والفرص مضيفا أنه "لا يمكن الحديث عن تنمية منصفة دون ربط كل جهة بنقاط القوة التي تميزها، وتشجيع المبادرة المحلية، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في قطاعات واعدة."