بين إيران وإسرائيل... هل ينجو المغرب من تداعيات أزمة النفط؟

ملفات خاصة - 26-06-2025

بين إيران وإسرائيل... هل ينجو المغرب من تداعيات أزمة النفط؟

اقتصادكم - حنان الزيتوني

 

رغم إعلان الهدنة بين إيران وإسرائيل، لم تهدأ بعد المخاوف المرتبطة بانعكاسات هذا التوتر الجيوسياسي على أسواق الطاقة الدولية، وبشكل خاص على أسعار المحروقات في العالم وفي المغرب، التي من المنتظر أن تشهد ارتفاعا في الأيام المقبلة. فالوضع لا يزال معقدا، لا من حيث مؤشرات التهدئة، ولا من حيث تحركات الأطراف الكبرى التي تملك نفوذا مباشرا على استقرار السوق الطاقي العالمي.

بوابة مضيق هرمز

وفي هذا السياق، صرح أمين بنونة، خبير في علوم الطاقة، أن التخوف الحالي في الأسواق له ما يبرره، رغم أن التهدئة تبدو في ظاهرها مطمئنة.

وأوضح بنونة أن دخول الولايات المتحدة على خط الصراع بين إسرائيل وإيران لم يكن متوقعا في البداية، وهو ما زاد من تشاؤم المراقبين، لكن ما حدث لاحقا هو أن الهدوء النسبي الذي نشأ لم يكن نتاج حل سياسي أو عسكري، بل محاولة لتجنب تفاقم التوتر وتأثيره النفسي على السوق، الذي يمكن أن يخلق هلعا مبكرا لدى الفاعلين الاقتصاديين.

وأضاف الخبير في اتصال مع موقع "اقتصادكم"، أن القلق يتركز بالأساس على مضيق هرمز، الذي تمر عبره ما بين 20 إلى 25% من كميات المحروقات العالمية، سواء من إيران كمصدر رئيسي، أو تلك المتجهة نحو أسواق كبرى مثل الولايات المتحدة والصين. وبالتالي، فإن أي اضطراب في هذا الممر البحري الحيوي ستكون له انعكاسات فورية على الأسعار العالمية، ومن ثم على الأسواق المحلية مثل السوق المغربية.

مصالح كبرى متشابكة

وفي تقديره، يرى بنونة أن استمرار التوتر دون انفجار مواجهة شاملة، يعكس إدراك القوى الكبرى للمخاطر المرتبطة بتصعيد الوضع.

وأفاد أن الولايات المتحدة، رغم إعلان دعمها الكامل لإسرائيل، اكتفت بتوجيه ضربات محدودة، مما يفهم على أنه موقف محسوب يسعى لاحتواء الأزمة أكثر من تأجيجها.

واستحضر تجربة الأزمة الأوكرانية كنموذج، حيث تراجع العرض الطاقي على مستوى العالم بحوالي 20%، ما أدى إلى قفز أسعار النفط إلى ما يقرب من 130 دولارا للبرميل، وهو السقف الذي يعتبره الخبير مرجعا لما قد يحدث في حال تفاقم الوضع الحالي في الخليج.

سيناريوهات الإغلاق

وعن احتمال إغلاق مضيق هرمز، أشار بنونة إلى أن البرلمان الإيراني صوت بالفعل على توصية تدعو إلى ذلك، لكنه لا يعتقد أن الإغلاق سيتحقق فعلا.

وأوضح أن الأطراف الأساسية المنخرطة في هذا التوتر مثل الولايات المتحدة، الصين، أو حتى دول الخليج ليست لها مصلحة في وقف حركة الملاحة في المضيق، باعتبارها مستفيدة من استمرارية تدفق المحروقات.

وأكد أن "إسرائيل وحدها قد تكون معنية بتوسيع رقعة الحرب وتعويمها دوليا"، في حين أن بقية الأطراف تحرص على إبقاء الأمور تحت السيطرة، رغم التصريحات السياسية الحادة.

رهانات أمريكية

وفي تحليله للموقف الأمريكي، أبرز بنونة أن واشنطن، رغم ما يظهر من تضامن مع إسرائيل، تعمل بمنطق استراتيجي يحكمه الاقتصاد ومصالح الطاقة.

وأشار إلى أنه أثناء إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي اتسمت بمواقف متشددة، تم الحفاظ على نوع من التوازن، حيث رفضت الإدارة الأمريكية الدخول في مواجهة مفتوحة مع إيران، رغم الضغوط من بعض الحلفاء.

وتابع: "وسط الإدارة الأمريكية توجد تيارات مؤثرة ضد الحرب مع إيران، وهي من تقود حاليا توجها للعودة إلى طاولة المفاوضات، التي سبق أن فتحت من قبل."

انعكاسات مرتقبة وطنيا

وأكد بنونة أن تأثيرات هذه التطورات، وإن كانت مؤجلة حاليا، إلا أنها ستنعكس على الأسعار الوطنية قريبا، خاصة في ظل هشاشة سلاسل التوريد العالمية.

وأوضح أن المغرب، كمستورد صاف للمحروقات، سيتأثر بشكل مباشر بأي ارتفاع في الأسعار الدولية، خصوصا إذا ارتفع سعر النفط الخام مجددا، وهو احتمال وارد في ظل غياب اتفاق مستقر وطويل الأمد بين أطراف النزاع.