منها الحرب على أوكرانيا.. تحديات تواجه صادرات الحوامض المغربية نحو أوروبا

ملفات خاصة - 07-03-2022

منها الحرب على أوكرانيا.. تحديات تواجه صادرات الحوامض المغربية نحو أوروبا

اقتصادكم: صفاء الصبري

تواجه صادرات المغرب من الحوامض، هذا العام تحديات صعبة على مستويات عدة، فبعد عامين صعبين بسبب تداعيات الجائحة، تواجه اليوم صعوبة في دخول السوق الروسية بسبب الحرب على أوكرانيا، بالإضافة إلى المعايير الصارمة للمستوردين الأوروبيين حول نسب المبيدات الحشرية المستخدمة. 
 
وتشكل صادرات الحوامض 89.7٪ من إجمالي صادرات المغرب من الأغذية الزراعية إلى روسيا، وبلغت قيمتها 42.1 مليون دولار في عام 2021، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي.

وبينما تواجه روسيا اليوم عقوبات اقتصادية، أهمها عزلها من نظام سويفت (شبكة بنوك دولية لإجراء المعاملات)، فإن هذا المعطى يجعل تجارتها مع المغرب في وضعية ضبابية.

وبلغ متوسط صادرات المغرب إلى روسيا معدل نمو سنوي بنسبة 16٪ على مدار الـ 24 عامًا الماضية، حيث شكلت الحمضيات وغيرها من المنتجات الغذائية الزراعية الجزء الأكبر من صادرات المغرب إلى روسيا.

ويعيش مصدرو الحوامض المغاربة اليوم حالة من الضيق بعد أن أصبحت المنتجات الحمضية ضحية للنظام العالمي الجديد، وزاد الموسم الفلاحي الجاف من تعميق أزمتهم.

اقرأ ايضا: أزمة أوكرانيا وتأخر الأمطار .. ما بدائل المغرب في تأمين احتياجاته من القمح؟

 - فلاحون اضطروا إلى تقديم منتجاتهم كعلف للبهائم

ولرصد آثار الحرب على الصادرات المغربية من الحوامض، قال مروان كرماح، وهو مسؤول عن منشأة لتغليف وتصدير الحمضيات لـ"اقتصادكم"، إن الأثار السلبية للحرب الأوكرانية بدأت فعلا بالظهور.

واستشهد بالمنطقة الشرقية، حيث أوضح أن بعض فلاحيها المعتمدين على التصدير اضطروا إلى تقديم منتجاتهم كعلف للبهائم أو رميها، بعدما تعذر عليهم تصديرها إلى السوق الروسية.

وعزا كرماح ذلك إلى أن هذه الفترة تزامنت فيها الحرب الروسية الأوكرانية مع ذروة الإنتاج المغربي من الحوامض.
وأوضح أن الغزو الروسي والعقوبات الاقتصادية التي فرضت على روسيا، ستؤثر قطعا على صادرات المغرب من الحوامض ومن المنتجات الزراعية ككل، مشيرا إلى أن الآثار الحالية ما تزال ضعيفة، إلا أنها ستظهر بشكل جلي مع مرور الوقت.

وتوقع كرماح أن تطول الخسائر نسبة 30 إلى 35 بالمئة من الصادرات المغربية إلى روسيا. غير أن المغرب يتوفر على أسواق أخرى مهمة، مثل أوروبا وأمريكا وكندا ودول الخليج، وبإمكانها أن تمتص أزمة الصادرات إلى روسيا.
توقف التصدير إلى روسيا ليس المشكل الوحيد الذي يواجه الحوامض.

من جهة ثانية أوضح رياض أوحتيتا، الخبير الفلاحي المعتمد، لـ "اقتصادكم"، أن صادرات المغرب من الحوامض تعرف مشاكل كثيرة، والأمر لا يقتصر فقط على توقف التصدير إلى روسيا بل إلى عوامل عدة زادت من حدة الأزمة.

اقرأ ايضا: خبير اقتصادي: الشهور المقبلة ستكون من أصعب المراحل في تاريخ المغرب

وقال أوحتيتا، إن الصادرات المغربية من الحوامض تعاني منذ بدء حالة الطوارئ المتكررة بسبب الجائحة وما نتج عنه من شلل في حركة الموانئ والطرقات. أضف إلى ذلك مشكل الجودة، فالمستوردون أصبحوا أكثر تطلبا فيما يخص معايير التصدير سواء على مستوى استخدام المبيدات الحشرية، أو على مستوى بعض الأمراض التي تصيب الحوامض مثل مرض "السيراتيت"، الذي تسبب في إعادة الصادرات المغربية من روسيا عام 2018.

ومن أسباب الأزمة أيضا، حسب أوحتيتا، هو الخصاص الحاد في الوسائل اللوجيستيكية بسبب إجراءات الجائحة، إذ أن أغلب حاويات الشحن أصبحت تفضل تصدير المنتجات إلى أوروبا في مدة لا تتعدى ثلاثة أيام عوض أن تكبد خسائر الشحن والوقت حتى الأراضي الروسية.

اقرأ ايضا: خبير اقتصادي: المغرب مطالب بتدبير موارده من الغاز في ظل النزاع الروسي الأوكراني

- الحوامض المغربية تواجه منافسة مصرية و إيرانية

وتطرق أوحتيتا أيضا إلى عامل المنافسة، مشيرا إلى أن الصادرات المغربية من الحوامض أضحت تواجه منافسة مصرية وإيرانية وتركية، والذين استهدفوا بدورهم أسواق أوروبا وروسيا وأمريكا الأمر الذي زاد من تطلب هذه الأسواق فيما يخص معايير الجودة.

وفي السياق ذاته، أوضح الخبير الفلاحي، أن الصادرات المغربية من الحوامض تواجه أيضا مشكل الانكماش الاقتصادي بسبب الجائحة، مشيرا إلى أنه قبل أزمة كورونا كانت التعاملات التجارية مبنية على الثقة بين الطرفين، وعلى سبيل المثال فإن المستورد كان يقدم دفعا مسبقا بقيمة 30 في المائة، وبعد التوصل بالمنتجات يتم إتمام عملية الدفع عن طريق رسالة من البنك (LETTRE DE CREDIT)، أما الآن فقد أصبح المستورد يتوقع أن يتوصل بالمنتجات كاملة دون دفع مسبق ويتم عملية الدفع كاملة عن طريق البنك.

في هذه الحالة أصبح المصدرون المتوسطون والبسطاء يجدون صعوبة في نقل منتجاتهم إلى روسيا التي تستغرق مدة طويلة قد تصل إلى شهر كامل.

وأوضح المتحدث ذاته أن المصدرين المتوسطين غير قادرين على معاملات بهذا القدر، فأصبحوا يركزون على الأسواق الأوروبية القريبة جغرافيا كإسبانيا وفرنسا حيث يمكن أن تتم المعاملات في أسبوع أو 10 أيام على أكثر تقدير.

أما المصدرون الكبار فمعاملاتهم تكون تحت عقود صلبة تتضمن شروطا وعقوبات تحميهم قانونيا.

من جهة ثانية، تطرق أوحتيتا إلى مشكل الخصاص في وحدات التغليف، وأوضح أن هذه الوحدات غالبا ما تكون مرتبطة بعقود طويلة الأمد مع زبناء أجانب، وبالتالي فإن المصدرين المغاربة يجدون صعوبة في تغليف منتجاتهم الموجهة للتصدير في ظل هذا الخصاص، علما أن حركية التصدير في المغرب مروجة بفضل المصدرين المتوسطين والبسطاء الذين يشكلون قاعدة الهرم ومنتصفه.

اقرأ ايضا: خبير يكشف لـ ’’ اقتصادكم’’ تأثير الجفاف على نسبة النمو ويقترح حلولا للعالم القروي

-أوروبا تسحب صادرات المغرب من البرتقال بسبب الـ “كلور بيريفوس”

إضافة إلى كل ما سبق، تواجه الحوامض المغربية هذا العام مشاكل مع مستورديها في أوروبا، بعد أن طالبت وكالة الأغذية والأعلاف الأوروبية، بسحب البرتقال المغربي، من السوق الهولندي، بعدما رصد (نظام الإنذار السريع للأغذية) وجود مادة محظورة تسبب أضرارا صحية على المستهلكين. 

واتخذت الوكالة هذا القرار بسبب عثورها على بقايا المبيد الحشري “كلور بيريفوس” في البرتقال بنسبة 0.017 غرام في الكيلوغرام الواحد، والموجود في بعض المبيدات الحشرية المستعملة في المجال الفلاحي، ضمن شحنة البرتقال المغربي المستوردة من طرف هولندا.

وأوضحت الوكالة أن مصالحها وجدت أثارا للمبيد الحشري المذكور منذ شهر دجنبر 2019 في فاكهة البرتقال، الذي يتم تسويقه في الأسواق الممتازة بهولندا بنسبة تفوق النسبة المحددة في الكيلوغرام من المنتوج، ووصفته بـ” الأمر الخطير”، مما جعل سلطات الحدود الهولندية تشدد الرقابة على هذا المنتوج المستورد من المغرب.

وترى وكالة الأغذية والأعلاف الأوروبية أن النسبة المسموح بها من بقايا المبيد الحشري “كلور بيريفوس”، يجب ألا تتعدى 0.01 غرام، بعدما قرر الاتحاد الأوروبي منع استخدام مبيدات “الكلور بيريفوس” في الخضر والفواكه منذ 6 دجنبر 2019، استنادا إلى توصيات باحثين وخبراء تابعين لهيئة الأمم المتحدة.