تشهد الأسواق العالمية اضطرابات متزايدة نتيجة التوترات في الشرق الأوسط، مع ارتفاع أسعار النفط وتهديد سلاسل الإمداد العالمية، حيث يواجه المغرب الذي يعتمد على الواردات ومسارات الشحن تحديات اقتصادية مباشرة وغير مباشرة.
يراهن مشروع قانون المالية لسنة 2026 على تحقيق معادلة صعبة، رفع وتيرة النمو الاقتصادي مع الحفاظ على صرامة في إدارة التوازنات الماكرو اقتصادية وخفض العجز، في ظرفية دولية ومحلية تتسم بعدم اليقين، وبين الطموح المسطر في الوثيقة المالية وتحديات الواقع، تتباين القراءات، بينما تتفق الآراء حول أن المغرب يواجه مرحلة دقيقة تتطلب إصلاحات هيكلية أعمق لضمان نمو مستدام.
كشف شكيب بنموسى، المندوب السامي للتخطيط، أن المغرب لم يجر بعد دراسات استشرافية دقيقة حول تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، لكنه أشار إلى إمكانية تقدير أثر هذه التكنولوجيا مستقبلا باستغلال بيانات التوظيف والتوزيع المهني المتوفرة في الإحصاءات الوطنية، والاستعانة بالمنهجيات المعتمدة دوليا، وأوضح بنموسى أن التأثير لن يكون بالضرورة في شكل فقدان الوظائف، بل في تحول طبيعة العديد منها، خصوصا الوظائف الإدارية ووظائف الخبرة.
أكد فيصل مكوار، رئيس هيئة الخبراء المحاسبين بالمغرب، أن “مستقبل مهنة المحاسبة سيكون مرهونا بقدرتها على مواكبة التحولات الرقمية والبيئية التي يعيشها العالم”، مشددا على أن “الذكاء الرقمي والوعي بالاستدامة أصبحا عنصرين أساسيين لتقوية الأداء وتعزيز الشفافية داخل المؤسسات”.
في ظل الحديث المتكرر حول الرقمنة بالمغرب والمواكبة المستمرة من قبل المؤسسات العمومية والخاصة في مختلف القطاعات، بلغ المغرب خلال السنوات الأخيرة تقدما ملحوظا في إدماج التكنولوجيا الرقمية في الإدارة والخدمات، حيث تم تنفيذ مشاريع لإصدار الوثائق الإدارية إلكترونيا، تسجيل الشركات، تجديد الرخص، وتطوير منصات رقمية لتسهيل التفاعل بين الإدارة والمواطن.
يكرس مشروع قانون المالية لسنة 2026 توجهاً جديداً في مقاربة التنمية الترابية، من خلال تخصيص 5 مليارات درهم لبرنامج التنمية الترابية المندمجة (PDTI) و2,8 مليار درهم لتمويل 36 مركزاً قروياً ناشئاً (CREM) في مرحلته التجريبية. وتمثل هذه الاستثمارات نقلة نوعية في فلسفة التدخل العمومي، إذ لم تعد التنمية تقتصر على تصحيح العجز في البنيات التحتية، بل أصبحت تهدف إلى خلق الثروة المحلية وتعزيز رأس المال الترابي.
في الوقت الذي تراهن فيه الحكومة على النظام الجديد للدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة لتعزيز الاستثمار وإحداث فرص الشغل، يرى فاعلون مهنيون أن هذا النظام يكرس الإقصاء بدل الإنصاف، خاصة في حق المقاولات الصغيرة جدا التي تمثل العمود الفقري للاقتصاد الوطني.
شهد المغرب، يوم الجمعة 7 نونبر 2025، خطوة نوعية في قطاع الاتصالات بإطلاق شبكة الجيل الخامس رسميًا، ما يفتح آفاقًا جديدة لتسريع الإنترنت النقال، وتعزيز جودة الاتصال، ويدفع نحو استكشاف التطبيقات الرقمية الحديثة في مختلف المجالات.
رغم الأداء القوي الذي حققته الصناعة المغربية سنة 2024، إلا أن التنافسية ما تزال تشكل النقطة الأضعف في المشهد الصناعي الوطنيك حسب البارومتر السنوي للصناعة، الذي تم عرضه نهاية أكتوبر.
يبدو أن الاقتصاد المغربي بدأ يتحرر تدريجياً من الارتباط التاريخي بالتساقطات المطرية، حيث أصبحت الصناعة، والخدمات، والسياحة تشكل اليوم محركات رئيسية للنمو، في وقت تتراجع فيه الزراعة تحت تأثير موجات الجفاف المتكررة.