في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تحولات جذرية ومنافسة شرسة على جذب الاستثمارات، قرر المغرب كسر النموذج التقليدي الذي ظلت فيه الدولة الممول الأول، وفتح صفحة جديدة عنوانها "الاستثمار كمحرك رئيسي للتنمية"، بقيادة القطاع الخاص وبشراكة استراتيجية مع الدولة، حيث لم يعد الأمر يتعلق فقط بأرقام وإنفاق عمومي، بل بتحول عميق في الرؤية والمنهج، يستهدف إعادة هندسة مناخ الأعمال، وتوجيه رأس المال نحو القطاعات التي تصنع الفارق في التشغيل، والقيمة المضافة، والسيادة الإنتاجية.
رغم الريادة الإقليمية التي حققها المغرب في مجال الطاقات المتجددة خلال السنوات الأخيرة، إلا أن التأخر في تفعيل استراتيجية الانتقال الطاقي يثير قلقاً متزايداً بين الفاعلين، حيث دق خبراء ناقوس الخطر، مطالبين بالإسراع في وتيرة الإصلاحات من أجل الحفاظ على مكانة المملكة كفاعل مناخي إقليمي وتقليص تبعيتها الطاقية للخارج.
مع استمرار ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء في الأسواق المغربية، يسعى المستوردون إلى جلب حوالي 40 ألف رأس من الأبقار من البرازيل ودول أخرى خلال شهر شتنبر الجاري. لكن، هل سيكون هذا الإجراء كافيا لتخفيف الضغط عن السوق الوطنية في ظل انتقاد جمعيات حماية المستهلك لهذه الخطة وسط غياب نجاعتها؟
كشف مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي في أحدث تقاريره، أن المنظومة الاستثمارية بالمغرب ما تزال تواجه اختلالات هيكلية تقيد ديناميتها رغم الإصلاحات العديدة التي أطلقتها الدولة لتحسين مناخ الأعمال. وأبرز التقرير أن تعقيد المساطر الإدارية، وتعدد المتدخلين، وغموض النصوص القانونية، تظل من أبرز العقبات التي تفقد المستثمر الثقة في المساطر الرسمية، حيث إن 65% من المقاولات تعتبر أن الإجراءات الإدارية تشكل أكبر عائق أمام الاستثمار.
رغم المجهودات الكبيرة التي بذلها المغرب خلال العقدين الأخيرين لتشجيع الاستثمار، عبر تعبئة موارد مالية ضخمة، وتطوير البنيات التحتية، وتحسين مناخ الأعمال، إلا أن مردودية الاستثمار الكلية لا تزال دون المستوى المأمول. فالعلاقة بين حجم الاستثمار والنمو تبقى ضعيفة نسبيا، حيث تشير تقارير وزارة المالية والمندوبية السامية للتخطيط إلى أن كل نقطة نمو في الناتج الداخلي الخام تتطلب استثمارا يعادل 7 إلى 9 وحدات، وهو معدل مرتفع مقارنة بدول مثل تركيا أو فيتنام، التي تحقق نقطة نمو مقابل 3 إلى 4 وحدات فقط، ما يعكس ضعف الفعالية والجدوى الاقتصادية للموارد المرصودة.
برهن الاقتصاد الوطني مرة أخرى على مرونته في مواجهة الصدمات المناخية، حيث حقق الاقتصاد الوطني نمواً بنسبة 3.8% سنة 2024، متجاوزاً قليلاً نسبة 2023 البالغة 3.7%. ويُعزى هذا التحسن إلى نمو الناتج الداخلي غير الفلاحي بنسبة 4.8%، في حين تراجعت الفلاحة بـ4.8% نتيجة قلة الأمطار مع توقعات إيجابية بنمو قدره 4.6% في 2025 و4.4% في 2026.
مع كل دخول سياسي جديد، تفتح أبواب النقاشات الكبرى حول التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تنتظر الحكومة. وتزداد حدة هذه النقاشات كلما اقتربنا من نهاية ولاية حكومية، حيث تبدأ ملامح المرحلة المقبلة في التشكل وسط تطلعات المواطنين وضغوط السياق الداخلي والخارجي. فهل تستطيع الحكومة أن توازن بين الإكراهات الاقتصادية ومتطلبات الاستقرار الاجتماعي والسياسي، خصوصا في ظل التحضير للانتخابات المقبلة؟.
أكدت مديرية الدراسات والتوقعات المالية أن قطاع السياحة حافظ على منحاه التصاعدي خلال الفصل الأول من 2025، بعدما ارتفعت قيمته المضافة بنسبة 9,7% مقارنة مع 3,2% فقط في الفترة نفسها من السنة الماضية، وفي الأشهر السبعة الأولى من السنة الجارية، استقبل المغرب 11,6 مليون سائح، أي بزيادة قدرها 16%، شكل مغاربة العالم 52% منهم.
مع بداية كل موسم دراسي جديد، تتحول محلات بيع الأدوات المدرسية إلى قبلة رئيسية للآباء والأمهات، غير أن بهجة اقتناء الدفاتر والكتب والأقلام سرعان ما تطغى عليها هواجس الغلاء. فارتفاع الأسعار أصبح واقعا يثقل كاهل الأسر المغربية، خاصة من ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة. وهنا يطرح السؤال: كيف يمكن لحدث أساسي في حياة التلاميذ أن يتحول إلى عبء اقتصادي خانق بالنسبة للآباء؟.
مع كل صيف، لا تعود الجالية المغربية فقط محملة بالهدايا والحقائب، بل تحمل معها طاقة استثنائية تنعش الاقتصاد، وتحرك الأسواق، وتعيد الحياة إلى المطارات والموانئ، من طنجة إلى مدريد. عودة مغاربة العالم، الذين يشكلون جسرا إنسانيا واقتصاديا بين ضفتي المتوسط، تحولت إلى حدث سنوي اقتصادي بامتياز، يراهن عليه كل من المغرب وإسبانيا لجني مكاسب مالية وتنموية.