في هذه الأثناء بالحي وفي سن العاشرة، كنت بالفعل أكبر فتى. حتى المراهقين الذين يكبرونني بست سنوات كانوا يستشيرونني بشأن حكاياتهم أو مشاكساتهم في حي آخر أو مشكلة ما في الثانوية أوعن حب جديد.
الحفرة المقصودة كانت ب13، بلوك6، ثم ب229، وفي وزمن قصير انتقلنا إلى119.هنا، يجب التوقف لحظة على هندسة هذه الفضاءات المخصصة لحياة سيئة الإقامة. لم نعرف أبدا لما كل هذه المنعطفات، وتغيير العناوين، لابد وأنه يخفي الكثير من الخدع. باختصار، الرقم المقصود كان ليكون ميمونا لو أننا راهنا عليه في اليانصيبᴉ كنت لأراهن بكل شيء لأجل تغيير العنوان، لكن من حقي أن أحلمᴉ تم رمي النرد وربحت جميع الرهانات مسبقا.
بلوك الكدية لم يكن ذخيرة من الوجوه الراسخة فحسب والتي سوف أعيدها للحياة يوما متفجرة بين غضب وحب، بين رعب وغموض. كان أيضا مكان الآلام الأولى وأولى أشجان الحب.
في يوم من أيام الجمعة، كان المطر غزيرا والسيل قوي كالطوفان. حوالي منتصف النهار، يأخذ رؤوف طريق الجامع ليصل إبان خطبة اليوم الفضيل، يقاطع الفقيه بسؤال يؤرقه دائما:" بماذا يشعر الله عندما يسبه أخد مخلوقاته؟ ".
كبرت مع عرابين كانوا يقودون الحي بإشارة إصبع وبطرفة عين. الأول كان أكبر تاجر كحول، ونبيذ أحمر فاسد يبيعه بخمس دراهم للتر الواحد في بواقل بلاستيكية.
منذ ذلك اليوم، لم نتبادل كلمة واحدة، لم أعرف كيف أفسر هذا، أ بالخوف؟ أم بالازدراء لأنني كنت ممددا بالأرض من طرف والدها؟ ذلك المشهد الراسخ الذي تابعته، لعلها نسيته تقريبا أصبح متلاشيا؟ لم أعرف ما الذي حدث. لم أفهم أبدا لماذا صديقتي لم تعد صديقتي.
صديقتي تسكن بالجهة الأخرى من الشارع. منزلا غير مكتمل مهدد بالسقوط لكنه صمد لأكثر من عشر سنوات كما لو كان مسحورا، نرى من الخارج عبر الشقوق والدها يأكل أو ينام أو يضع الراديو الصغير على أذنه ليسمع نشرة الأخبار.
الحي المحمدي كان دائما تلك الأرض الواسعة الضيقة التي وهي تخنقنا تترك لنا بعضا من الدم ليسري في عروقنا. تملأ عيوننا بالضوء لنرى بشكل أفضل هالة الجحيم الذي يحيطنا. ولكن بما أننا لم نعرف غير هذا، تبدو الجنة مجرد اختلاف طفيف عن موضوع الحرمان، وعن هذا الجانب من المدينة. الاختلافات ليست دائما على ذوق الجميع.
فقدت حضانة أبنائها ومنزلها وكل الماضي، على الأقل بقي لديها بعض المستقبل. سي أحمد، المجرم، استضافها في غرفة على السطح في بيت والديه حيث يسترجعان ذكرياتهما القديمة.
أولا عبد الخالق،" العينين الخارجين"، بمهراز، الياقوتة السوداء، والسي احمد، المجرم. غير أن المرة الوحيدة التي ارتكب فيها الشاب ما يسمى جنحة كانت في سنة 1981 أثناء أعمال الشغب لشهر يونيو الشهيرة التي أضرمت النار في مدينة الدار البيضاء.